احمد بن صالح والتاريخ المعطل
حسونة مصباحي
مّروقتطويلعلىلقأييبالسيدٔاحمدبنصالح،وحتىهذهالساعةلم التق به مرة ٔاخرى. فاأليام متر بسرعة الريح، وهو يزداد شيخوخة ؤانا
بدٔات ٔاشيخ بدوري. مع ذلك ظللت حريصا دأيما على تتبع ٔاخباره. وعلى متابعة مذكراته املكتوبة والشفوية والتي ال يكاد ينقطع عنها. وفي هذه املذكرات هو ال يتحدث اال عن تلك املرحلة التي كان فيها متقلدا خلمس حقأيق وزارية ومشرفا ٔاولٕ
على اخلطة االشتراكية التي ٔاطلق عليها اسم التعاضد.
فتلك املرحلة هي بالنسبة ٕاليه هي «مربط الفرس» وهي «البداية والنهاية» لكان التاريخ التونسي توقف عندها، وظل مثل قطار ٔافالم «الورستارن» في الفيافي القفراء وال حديث ٕاال عنه وحوله !
ام املراحل األخرى التي عاشتها تونس منذ استقاللها فهي ملغاة من ذاكرةٔ السيد ٔاحمد بن صالح، لذلك هو ال يخوض فيها، وال يتعرض لها ال من قريب وال من بعيد. والعجيب في األمر ٔانه ـ ٔاي السيد ٔاحمد بن صالح ـ ال يتوقف عن
القول بٔانه كان «مظلوما» وان محاكمته كانت «ظاملة».
وقد يكون هذا األمر صحيحا، غير ٔان الدخول الى عالم السياسة ليس ٔامرا سهال. والذي يقبل به، ال بد ٔان يقبل بتبعاته سواء كانت سلبية ٔاو ايجابية، وهذا ما يثبته لنا التاريخ االنساني في جميع مراحله ؤاطواره. وما الحظته والحظهكثيرونغيرئانالسيدٔاحمدبنصالحاليقّرباألخطاءالتئارتكبها خالل املرحلة التي كان فيها مسٔووال كبيرا على تسيير البالد. وكانت الكلمة االولى واالخيرة لها، وما على االخرين اال االستماع اليه، وتطبيق ٔاوامره، واخلضوع لرشاداته. ؤاظن ٔان السيد ٔاحمد بن صالح كان نزيها، مخلصا للبالد، ولكنإ خطته االقتصادية كانت مثالية الى حد بعيد. فبعد االستقالل كانت البالد تواجه مصاعب كثيرة وعلى جميع املستويات. وكان االمية منتشرة بنسب
عالية، وكانت البنى التحتية تكاد تكون مفقودة ومنعدمة.
وكان على السيد ٔاحمد بن صالح ٔان يراعي كل هذه املعطيات ؤان يركز عليها اهتمامه. غير ٔانه قفز عليها كلها، وبدٔا يطبق سياسة مثالية بخطب حماسية، ظانا ٔان واقع البالد سوف يخضع له ؤان الشعب سوف يجد نفسه في النهاية مجبرا على االنقياد له. وهذا ما لم يتم، لذا كان عليه ٔان يدفع الثمن غاليا وغاليا جدا. لذلك فٕان العودة املستمرة لتلك املرحلة القامتة، والتي
مرت عليها قرابة اخلمسني سنة ليست مفيدة في ٔاي شيء. ومن األفضل للسيد ٔاحمد بن صالح ٔان ينشغل بقضايا ٔاخرى غيرها، قضايا تتصل بحاضرنا، ومباضينا ٔايضا، لكنها تكون مفيدة للناس ولالجيال اجلديدة املتطلعة الى املستقبل والتي لم يعد يهمها ٔان كان ظاملا ٔاو مظلوما. وقبل ٔان ٔاختم، ٔاريد ٔان اروي احلادثة التالية : في بداية صيف عام 1967، زار السيد ٔاحمد بن صالح العالٔ بوالية القيروان وكنت ٔانذاك تلميذا في معهد حفوز وبسيارة االجرة ذهبت لحضر االحتفاالت التي ٔاقيمت احتفاء بزيارته. وكان اجلفاف قد ٔاحدث ٓانذاكا اضرارا جسيمة باملنطقة، وبالبالد كلها. وكان على املسٔوولني في قرية العال الفقيرة ان يقوموا بزرع اشجار على جانبي الطريق الذي شتشقه السيارة صاحب اخلمس وزارات. فعلوا ذلك في الليلة التي سبقت الزيارة ظانني ٔان خضرة االشجار املزيفة سووف تخفي معاناة الناس وبٔوسهم، وقسوة اجلفاف عليهم. وملا شرع السيد ٔاحمد بن صالح في القاء خطبته العصماء وسط اجلموع املترصة من حوله، تقدم بدوي وصاح :«سيدي الوزير… ما تقوله جميل.. غير ٔان هٔوالء املسٔوولني الذين استبلوك بالزغاريد والهتافات يكذبوا عليك.. وهاو الدليل..» ثم تقدم البدوي من واحدة من تلك االشجار وانتشلها من االرض بسهولة ٔامام الوزير الذي بدا غاضبا ومندهشا. ولعل الفعلة التي قام بها كانت دليال قاطعا على ٔان كل ما يبنى وينشٔا ويزرع من دون تقدير
* كاتب وروأيي تونسي
على اخلطة االشتراكية التي ٔاطلق عليها اسم التعاضد.
فتلك املرحلة هي بالنسبة ٕاليه هي «مربط الفرس» وهي «البداية والنهاية» لكان التاريخ التونسي توقف عندها، وظل مثل قطار ٔافالم «الورستارن» في الفيافي القفراء وال حديث ٕاال عنه وحوله !
ام املراحل األخرى التي عاشتها تونس منذ استقاللها فهي ملغاة من ذاكرةٔ السيد ٔاحمد بن صالح، لذلك هو ال يخوض فيها، وال يتعرض لها ال من قريب وال من بعيد. والعجيب في األمر ٔانه ـ ٔاي السيد ٔاحمد بن صالح ـ ال يتوقف عن
القول بٔانه كان «مظلوما» وان محاكمته كانت «ظاملة».
وقد يكون هذا األمر صحيحا، غير ٔان الدخول الى عالم السياسة ليس ٔامرا سهال. والذي يقبل به، ال بد ٔان يقبل بتبعاته سواء كانت سلبية ٔاو ايجابية، وهذا ما يثبته لنا التاريخ االنساني في جميع مراحله ؤاطواره. وما الحظته والحظهكثيرونغيرئانالسيدٔاحمدبنصالحاليقّرباألخطاءالتئارتكبها خالل املرحلة التي كان فيها مسٔووال كبيرا على تسيير البالد. وكانت الكلمة االولى واالخيرة لها، وما على االخرين اال االستماع اليه، وتطبيق ٔاوامره، واخلضوع لرشاداته. ؤاظن ٔان السيد ٔاحمد بن صالح كان نزيها، مخلصا للبالد، ولكنإ خطته االقتصادية كانت مثالية الى حد بعيد. فبعد االستقالل كانت البالد تواجه مصاعب كثيرة وعلى جميع املستويات. وكان االمية منتشرة بنسب
عالية، وكانت البنى التحتية تكاد تكون مفقودة ومنعدمة.
وكان على السيد ٔاحمد بن صالح ٔان يراعي كل هذه املعطيات ؤان يركز عليها اهتمامه. غير ٔانه قفز عليها كلها، وبدٔا يطبق سياسة مثالية بخطب حماسية، ظانا ٔان واقع البالد سوف يخضع له ؤان الشعب سوف يجد نفسه في النهاية مجبرا على االنقياد له. وهذا ما لم يتم، لذا كان عليه ٔان يدفع الثمن غاليا وغاليا جدا. لذلك فٕان العودة املستمرة لتلك املرحلة القامتة، والتي
مرت عليها قرابة اخلمسني سنة ليست مفيدة في ٔاي شيء. ومن األفضل للسيد ٔاحمد بن صالح ٔان ينشغل بقضايا ٔاخرى غيرها، قضايا تتصل بحاضرنا، ومباضينا ٔايضا، لكنها تكون مفيدة للناس ولالجيال اجلديدة املتطلعة الى املستقبل والتي لم يعد يهمها ٔان كان ظاملا ٔاو مظلوما. وقبل ٔان ٔاختم، ٔاريد ٔان اروي احلادثة التالية : في بداية صيف عام 1967، زار السيد ٔاحمد بن صالح العالٔ بوالية القيروان وكنت ٔانذاك تلميذا في معهد حفوز وبسيارة االجرة ذهبت لحضر االحتفاالت التي ٔاقيمت احتفاء بزيارته. وكان اجلفاف قد ٔاحدث ٓانذاكا اضرارا جسيمة باملنطقة، وبالبالد كلها. وكان على املسٔوولني في قرية العال الفقيرة ان يقوموا بزرع اشجار على جانبي الطريق الذي شتشقه السيارة صاحب اخلمس وزارات. فعلوا ذلك في الليلة التي سبقت الزيارة ظانني ٔان خضرة االشجار املزيفة سووف تخفي معاناة الناس وبٔوسهم، وقسوة اجلفاف عليهم. وملا شرع السيد ٔاحمد بن صالح في القاء خطبته العصماء وسط اجلموع املترصة من حوله، تقدم بدوي وصاح :«سيدي الوزير… ما تقوله جميل.. غير ٔان هٔوالء املسٔوولني الذين استبلوك بالزغاريد والهتافات يكذبوا عليك.. وهاو الدليل..» ثم تقدم البدوي من واحدة من تلك االشجار وانتشلها من االرض بسهولة ٔامام الوزير الذي بدا غاضبا ومندهشا. ولعل الفعلة التي قام بها كانت دليال قاطعا على ٔان كل ما يبنى وينشٔا ويزرع من دون تقدير
* كاتب وروأيي تونسي
للمعطيات مٓاله الذبول واملوت !
Laisser un commentaire